الثلاثاء، 16 أبريل 2013

التأويل الواقعي المنظور للقرآن الكريم: "الخُضر" مُعلِّمُ موسى هو سيدنا محمد عليه الصلاة و...

التأويل الواقعي المنظور للقرآن الكريم: "الخُضر" مُعلِّمُ موسى هو سيدنا محمد عليه الصلاة و...: بسم الله الرحمن الرحيم وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا (59) وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين...

"الخُضر" مُعلِّمُ موسى هو سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام





بسم الله الرحمن الرحيم
وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا (59) وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا (60)  فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا (61)  فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا (62)  قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا (63)  قال ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا (64)  فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما (65)  قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا (66)  قال إنك لن تستطيع معي صبرا (67)  وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا (68)  قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا (69)  قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا (70)  فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا (71)  قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا (72)  قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا (73)  فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا (74)  قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا (75)  قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا (76)  فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا (77) قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا (78) أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا (79) وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا (80)  فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما (81)  وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا (الكهف:82)

قيل أن فتى موسى هو يوشع بن نون، والعبد مُعلم موسى هو  أحد أبناء آدم "الخُضُر" ويعتقد البعض أنه لا يزال حيا! وكل ذلك وغيره أساطير لا نجد لها أصلا في أي مكان ولا يستند إلى قرآن كريم أو حديث نبوي موثق واحد.

نقدم تاليا منظورنا ونشرح الآيات مستدلين بالقرآن الكريم واللغة والسيرة النبوية العطرة، ونظهر أن العبد الذي علّم موسى هو نبينا محمدا عليه الصلاة والسلام وأن القصة لم تقع على أرض الواقع إنما كانت نبوءة لموسى تتحدث بالتفصيل عن أمور أبعد ما تكون عن الأسطورية والإثارة  وتشرح الأديان الثلاثة اليهودية، المسيحية، والإسلام.

وأن رجالها هم موسى وعيسى (الفتى)  ونبينا (مُعَلِّمُ موسى) عليهم الصلاة والسلام وأن سيدنا محمدا بدّل اسم "يثرب" إلى  "المدينة" مصداقا للآية:  وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في "المدينة...

وأن الغلامين اليتيمين  في القصة  هما إسماعيل وسيدنا محمد  وأبوهما الصالح إبراهيم. والجدار المنقض هو "التوحيد" الذي أعاد بناءه سيدنا محمد في الجزيرة العربية التي لم تتقبل دين موسى وعيسى وأبت استضافة أديان بني إسرائيل، والكنز هو القرآن وأسرار الخلق التي ستظهر فيه ... والمعنى أن سيدنا محمدا أقام جدار التوحيد مرة أخرى.

وأن البحار في النبوءة ترمز للأديان، ومجمع البحرين هو زمن ظهور الإسلام وهو  نقطة التقاء وتجمع الديانات الثلاثة، اليهودية والمسيحية والإسلام.

والحوت يرمز للخير والعلم.  والصخرة هي بيت المقدس، والسفن هي "المذاهب" الفكرية التي تسبح في بحار الأديان. والمساكين الذين يعملون بالبحر هم الأمم المتدينة  الغافلة والتي ضلت طريقها واتبعت المذاهب الفكرية التي عادة ما يسيطر "الملوك" والحكام والكهنة  و "رجال الدين" عليها.

والغلام المقتول  هو عيسى والمعنى أن سيدنا محمدا سيقتل فكرة ألوهية المسيح عيسى وسيُظهر الحق.


الواقعة  لم تذكر في أي موضع آخر من القرآن  ولم تُشرح القصة في الأحاديث النبوية الشريفة، كما لا يوجد لها أي ذكر في التوارة والإنجيل بالرغم من طولها وغرابة قصصها.

وبمعرفتنا لليهود وقدرتهم على الكتمان والتحريف نقول أن موسى أخبر قومه ولا شك بهذه النبوءة إلا أنهم حرّفوها وأزالوها من ذاكرتهم لأنها تبين أن آخر الأديان هو الإسلام وأن آخر نبي هو سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وأن كنز القرآن الخالد لا يعود لهم بل لذرية إسماعيل.

موسى أخبر قومه بالنبوءة فلم ترق لهم فمسحوها من الكتب وعملوا على تحقيقها كما يشتهون هم محاربة لله تعالى ولذلك هاجرت جماعات من اليهود أرض فلسطين  إلى أرض النخل "يثرب" في القرن الأول أو الثاني للميلاد  لتحقيق نبوءة استخراج كنز الغلامين المشار إليه من أصلابهم هم بدلا من بني إسماعيل.  

ونفصل تاليا:

عدم امكانية أو جواز حدوث القصة على أرض الواقع

لا يمكن للقصة أن تكون واقعية بمعناها الحرفي اللفظي  بل يجب فهمها على سبيل الاستعارة والمجاز  ولنا القرائن والدلائل التالية على هذا:  

قوله تعالى أينما وكيفما كان حق لا يقبل التبديل ولا يمكن لله تعالى إلا أن يأمر بالحق:

وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص ... (المائدة:45)

وبالتالي قتل الغلام في القصة لا يمكن قبوله حرفيا إذ ليس من  شرائعه تعالى الحكم المسبق والتنفيذ حسب ما سيحصل مستقبلا.

كذلك خرق السفينة. إذ إن الملك يأخذ "كل" سفينة غصبا ولم تحدد الآية أن الملك لا يأخذ السفن المعطبة. وبالتالي فخرق السفينة لن ينجيها من الملك فيصبح الخرق بلا حكمة.

لكن الأهم أنه لا ينبغي لأي نبي ترك قومه بعد بدء دعوته وخاصة موسى إذ إن قومه عبدوا العجل أثناء غيابه لأربعين ليلة. فتخيل مثلا أن نبينا عليه الصلاة والسلام ترك الصحابة لعشرات السنوات بعد البعثة فهل سيكون نبيا لهم بعد ذلك؟ وكيف سيكون حال الإسلام لو حصل ذلك مثلا؟

كما إن موسى قال أنه سيمضي "حُقُبا"  والحقبة في أقل تقدير لها 80 سنة وهي فترة طويلة بلا شك ونلحظ أن موسى سيترك قومه "عدة" حقب وليس حقبة واحدة فقط وهذا مما لا ينبغي له كنبي بل ولا يستطيع ذلك كونه بشر يعيش لفترة أقل من ذلك بكثير.

الشواهد عديدة على عدم امكانية وقوع القصة ونكتفي بالأدلة أعلاه  لبيان أن القصة نبوءة كغيرها من النبوءات التي يتشرف بها الأنبياء.  وقد تكلمنا بالتفصيل عن عن موضوع النبوءات في مقال منشور:


ما القصة "النبوءة" إذن؟

أخبر تعالى موسى بما سيحصل للأديان الثلاثة اليهودية والمسيحية والإسلام عن طريق نبوءة فيما يلي تفاصيلها:

الآية السابقة للقصة تتحدث عن "القرى" أي الأمم في إشارة لقولنا أن القصة تتحدث عن الأمم وأديانها:
وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا (59)


وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا (60):
قال موسى لفتاه عيسى في النبوءة (ونعلم أن عيسى من ذرية موسى) أن شريعة أهل الكتاب ستستمر زمنيا إلى "مجمع البحرين" أو إلى ما بعد ذلك، والبحرين هما "بحر اليهودية والمسيحية" من جهة  و "الإسلام" من جهة أخرى.

فمجمع البحرين إذن هو زمن ظهور الإسلام وهو  نقطة التقاء بحر ديانة بني إسرائيل وبحر والإسلام.

فالنبوءة تقول لموسى أن شريعتك قد تقف وتنتهي بظهور الإسلام أو أنها تستمر لما بعده حقبا وأزماناً.

فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا (61) 
الحوت يرمز للخير والعلم. والمعنى أنه عندما يأتي  زمن الإسلام عند مجمع البحرين سينسى  بنوا إسرائيل  ويضلوا  ويذهب "حوتهم" أي خيرهم وعلمهم.

فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا (62)
عند ظهور الإسلام سيستمر امتداد ديانة أهل الكتاب ووجوده لكنه سيضعف ويضمحل وسيتعب أهل الكتاب لخروج دين الإسلام الجديد الناسخ لشريعتهم.   سيتعجب موسى من اضمحلال شريعته  بعد الإسلام فيسأل عيسى عن الذي حصل.

قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا (63) 
يقول عيسى عند وصولنا لزمن الإسلام "الصخرة" سينسى قومنا دينهم وسيضلهم الشيطان. والصخرة هنا صخرة بيت المقدس التي منها وفيها خرجت واستقرت ديانات بني إسرائيل. والمعنى أن أهل الكتاب استقروا فلسطين وطال بهم العمر إلى أن نسى الناس الخير والعلم وضلوا.

قال ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا (64)
فقال موسى لعيسى ذلك هو الزمن المطلوب فلنعد ونبحث عن العبد العالم  الذي يرمز لمنبع البحر الثاني "الإسلام" ولنتعلم من نبيه محمد، عليه الصلاة والسلام.

فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما (65)
وهنا نجد نبي الإسلام سيدنا محمد عند الالتقاء الزمني بين الأديان.

قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا (66)
نلحظ أن موسى يطلب "متابعة" نبينا الكريم في الآية وهو ما جاء في الحديث النبوي الشريف: "لو كان موسى وعيسى حيين لما وسعهما إلا  اتباعي".  

والرشد أعلى درجات العلم والحكمة واستأثر به نبينا محمد، فتأمل مطلع سورة الجن في تأكيد لأحداث قصة الكهف:

قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا (1)  يهدي إلىالرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا (2)  وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا (3)  وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا  (4)  وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا  (5)  وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا  (6) وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا  (الجن:7)

فالرشد الذي يطلبه موسى هو القرآن، وضل الناس قبيل ظهور الإسلام ولكن بحر الإسلام ظهر بفضل منه تعالى.

ونبينا العبد العالم يعرف طبيعة موسى وتسرعه:
قال إنك لن تستطيع معي صبرا (67)  وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا (68)  قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا (69)  قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا (70) 

وموسى بطبعه شديد سريع، والذِكر هو ما جاء على يد سيدنا محمدا كما في الآيات التالية من سورة طه:
كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا (طه:99)


فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا (71) 
البحار هي الأديان والسفن هي "المذاهب" الفكرية التي تسبح في هذه الأديان وتعيش عليها. والمعنى أنه بعد الالتقاء بنبينا قام سيدنا محمد باظهار التحريف والعيوب (أي خرق السفينة) التي سادت معتقدات أهل الكتاب ومن أهما الشرك بالله تعالى.


قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا (72) قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا (73)
فتضجر موسى من ضلال قومه وضاق ذرعا.

فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا (74) قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا (75)  قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا (76) 

الغلام المقتول أو النفس الزكية هي "نفس" الفتى عيسى ابن مريم.
وكلمة "قتل" لغة لا تعني ازهاق الروح وحسب بل تعني كذلك القتل المعنوي كما ورد في حديث السقيفة:
أَن عمر رضي الله تعالى عنه قال يوم السَّقِيفة "اقْتُلوا سعداً قَتَله الله"  أَي اجعلوه كمن قُتِل واحْسِبُوه في عِداد مَنْ مات وهلك، ولا تَعْتَدُّوا بمَشْهَده ولا تُعَرِّجوا على قوله.

وفي حديث عمر أَيضاً: "مَنْ دَعا إِلى إِمارة فسِه أَو غيره من المسلمين فاقتلوه"  أَي اجعلوه كمن قُتِلَ ومات بأَن لا تَقْبَلوا له قولاً ولا تُقِيموا له دعوة، وكذلك الحديث الآخر: إِذا بُويِع لخَلِيفتين فاقتلوا الأَخير منهما أَي أَبْطِلوا دعوته واجعلوه كمَنْ قد مات.

وشاهد آخر على أن الغلام المقتول "النفس الزكية" هي نفس عيسى:
  قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا (مريم:19)

فالقصة تنبئ  أن أهل الكتاب سيجعلون من عيسى إلها فيأتي محمد عليه الصلاة والسلام "فيقتل" أي ينهي فكرة ألوهية عيسى.

فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا (77)

أهل القرية هم أهل الجزيرة العربية الذين لم يتقبلوا دين أهل الكتاب كما هو معلوم. والمعنى أن العرب لم يستضيفوا أنبياء بني إسرائيل ولم يتقبلوا دعوتهم وبقوا على ملة إبراهيم.

والجدار المنقض هو التوحيد وحنيفية سيدنا إبراهيم التي كانت على وشك السقوط. والمعنى أن سيدنا محمدا أقام جدار التوحيد مرة أخرى.

وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم (127) ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم (128) ربنا وابعث فيهمرسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم (البقرة:129)

بعد أن ضاق سيدنا محمدا بقلة صبر موسى:
قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا (78) أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا (79)

السفينة كما قلنا هي المذاهب الفكرية التي ضلت طريقها في بحور الأديان.
والمساكين الذين يعملون بالبحر هم الأمم المتدينة  الغافلة والتي ضلت طريقها واتبعت المذاهب الفكرية التي عادة ما يسيطر "الملوك" والحكام والكهنة  و "رجال الدين" عليها.

وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا (67)  ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا (68)  يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها (الأحزاب:69)

فالمعنى أن الملوك والساسة دوما ما يسيطرون على المذاهب الفكرية ويوجهونها حسب ما يشتهون، تماما كما هو حال السفن.

وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا (80)  فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما (81) 
الغلام هو عيسى والمعنى أن سيدنا محمدا سيقتل فكرة ألوهية المسيح عيسى وسيُظهر الحق.

أما "الأبوان" فتشمل لغة العمّ أو الجد أو المُربي وبذا فالمقصود بـ "أبواه مؤمنين"  مريم وزكريا أو أحد أجداد عيسى من طرف أمه.

وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة  وكان تحته كنز لهما  وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا  كنزهما  رحمة من ربك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا (الكهف:82)

الجدار هو جدار التوحيد والمدينة هي يثرب ولذا غيَّر سيدنا محمدا اسمها إلى "المدينة" مصداقا للآية. والكنز هو القرآن وما جاء به سيدنا محمد من شريعة.

والغلامان اليتيمان هما إسماعيل وسيدنا محمد  والأب الصالح هو إبراهيم عليهم الصلاة والسلام.

فكلمة "يتيم" تعني لغة ما دون البلوغ الذي فقد أباه وهذا ينطبق على إسماعيل إذ تركه أبوه إبراهيم في مكة ليقيم الجدار. 
 أَصل اليُتْم الغفْلةُ، وسمي اليَتِيمُ يَتِيماًلأَنه يُتَغافَلُ عن بَرِّه.
وفي حديث الشعبي: أَن امرأَة جاءَت إِليه فقالت إِني امرأَةٌ يتيمةٌ، فضَحِك أَصحابُه فقال: النساءُ كلُّهنّ يَتامَى أَي ضَعائفُ.
وكلُّ شيءٍ مفردٍ يعزُّ نظيره فهو يَتيمٌ، يقال دُرَّةٌ يَتيمةٌ. واليتيمُ: الفَرْدُ، وكلُّ شيءٍ يَعِزُّ نَظيرُه.

مما يؤكد مذهبنا هو أن إسماعيل  قام ببناء جدار الكعبة المشرف مع والده وقام  سيدنا محمد بوضع الحجر الأسود في مكانه قبل الوحي عندما كان في الخامسة والثلاثين.

كذلك فعندما قدم رسول الله الكريم إلى يثرب مهاجرا وتنافس الأنصار لاستضافته الشريفة أرخى زمام ناقته القصواء وقال: "خلوا سبيلها فإنها مأمورة".

وسار الأنصار حوله حتى إذا أتى دور بني مالك بن النجار بركت الناقة  في موضع المسجد النبوي اليوم، وكانت الأرض  لغلامين يتيمين من بني النجار يقال لأحدهما سهل والأخر سهيل.

كما  ثَبُتَ عنْ سيدِّنا رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، أنهُ قالَ إنَّ مَثَلِي وَمَثَلُ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي ، كَمَثَلِ رَجُلٍ ، بَنى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ ، إِلاَّ مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ ، وَيَعْجَبُونَ لَهُ ، وَيَقُولُونَ : هَلاَّ وُضِعَتْ هذِهِ اللَّبِنَةُ ، فَأَنَا اللَّبِنَةُ ، وَأَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ.

فمن قصة موسى من سورة الكهف وحادثة الناقة التي بركت في موقع "الغلامين اليتيمين في المدينة" والأحاديث النبوية يتضح تماما أن الجدار المنقض هو جدار التوحيد والذي أعاد بناءه سيدنا محمد على أنقاض بيت الغلامين اليتيمين من بني النجار. كما نلحظ أنه حتى اسم القبيلة "بني النجار" التي ينتمي لها الغلامان يتوافق مع سورة الكهف إذ إن "النجارة" من مهن البناء.



وسبحانه وتعالى عما نقول علوا كبيرا
والصلاة والسلام على حبيب الخلق والوجود
سيدنا ونبينا محمد المحمود
وعلى آله وصحبه ومن سار على هديه ببصيرة إلى يوم الخلود
منقول :دكتور / نبيل أكبر
وينلقض التصور التخيلي السايق للدكتور نبيل اكبر حديث الرسول الذي ينسف هذا التصور:

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ نَوْفًا الْبِكَالِىَّ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ صَاحِبَ بَنِى إِسْرَائِيلَ لَيْسَ هُوَ مُوسَى صَاحِبَ الْخَضِرِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ. فَقَالَ كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ سَمِعْتُ أُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « قَامَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ خَطِيبًا فِى بَنِى إِسْرَائِيلَ فَسُئِلَ أَىُّ النَّاسِ أَعْلَمُ فَقَالَ أَنَا أَعْلَمُ. قَالَ فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِى بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ قَالَ مُوسَى أَىْ رَبِّ كَيْفَ لِى بِهِ فَقِيلَ لَهُ احْمِلْ حُوتًا فِى مِكْتَلٍ فَحَيْثُ تَفْقِدُ الْحُوتَ فَهُوَ ثَمَّ. فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقَ مَعَهُ فَتَاهُ وَهُوَ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ فَحَمَلَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ حُوتًا فِى مِكْتَلٍ وَانْطَلَقَ هُوَ وَفَتَاهُ يَمْشِيَانِ حَتَّى أَتَيَا الصَّخْرَةَ فَرَقَدَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَفَتَاهُ فَاضْطَرَبَ الْحُوتُ فِى الْمِكْتَلِ حَتَّى خَرَجَ مِنَ الْمِكْتَلِ فَسَقَطَ فِى الْبَحْرِ - قَالَ - وَأَمْسَكَ اللَّهُ عَنْهُ جِرْيَةَ الْمَاءِ حَتَّى كَانَ مِثْلَ الطَّاقِ فَكَانَ لِلْحُوتِ سَرَبًا وَكَانَ لِمُوسَى وَفَتَاهُ عَجَبًا فَانْطَلَقَا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمَا وَلَيْلَتِهِمَا وَنَسِىَ صَاحِبُ مُوسَى أَنْ يُخْبِرَهُ فَلَمَّا أَصْبَحَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا - قَالَ - وَلَمْ يَنْصَبْ حَتَّى جَاوَزَ الْمَكَانَ الَّذِى أُمِرَ بِهِ. قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّى نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِى الْبَحْرِ عَجَبًا. قَالَ مُوسَى ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِى فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا. قَالَ يَقُصَّانِ آثَارَهُمَا حَتَّى أَتَيَا الصَّخْرَةَ فَرَأَى رَجُلاً مُسَجًّى عَلَيْهِ بِثَوْبٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ مُوسَى.
فَقَالَ لَهُ الْخَضِرُ أَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلاَمُ قَالَ أَنَا مُوسَى. قَالَ مُوسَى بَنِى إِسْرَائِيلَ قَالَ نَعَمْ. قَالَ إِنَّكَ عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَكَهُ اللَّهُ لاَ أَعْلَمُهُ وَأَنَا عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ لاَ تَعْلَمُهُ. قَالَ لَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِى مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًا وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا قَالَ سَتَجِدُنِى إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلاَ أَعْصِى لَكَ أَمْرًا. قَالَ لَهُ الْخَضِرُ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِى فَلاَ تَسْأَلْنِى عَنْ شَىْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا. قَالَ نَعَمْ. فَانْطَلَقَ الْخَضِرُ وَمُوسَى يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ فَمَرَّتْ بِهِمَا سَفِينَةٌ فَكَلَّمَاهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمَا فَعَرَفُوا الْخَضِرَ فَحَمَلُوهُمَا بِغَيْرِ نَوْلٍ فَعَمَدَ الْخَضِرُ إِلَى لَوْحٍ مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ فَنَزَعَهُ فَقَالَ لَهُ مُوسَى قَوْمٌ حَمَلُونَا بِغَيْرِ نَوْلٍ عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا. قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًا قَالَ لاَ تُؤَاخِذْنِى بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِى مِنْ أَمْرِى عُسْرًا ثُمَّ خَرَجَا مِنَ السَّفِينَةِ فَبَيْنَمَا هُمَا يَمْشِيَانِ عَلَى السَّاحِلِ إِذَا غُلاَمٌ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ فَأَخَذَ الْخَضِرُ بِرَأْسِهِ فَاقْتَلَعَهُ بِيَدِهِ فَقَتَلَهُ. فَقَالَ مُوسَى أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَاكِيَةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا. قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًا قَالَ وَهَذِهِ أَشَدُّ مِنَ الأُولَى. قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَىْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَاحِبْنِى قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّى عُذْرًا. فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ. يَقُولُ مَائِلٌ. قَالَ الْخَضِرُ بِيَدِهِ هَكَذَا فَأَقَامَهُ. قَالَ لَهُ مُوسَى قَوْمٌ أَتَيْنَاهُمْ فَلَمْ يُضَيِّفُونَا وَلَمْ يُطْعِمُونَا لَوْ شِئْتَ لَتَخِذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا. قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِى وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ». قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى لَوَدِدْتُ أَنَّهُ كَانَ صَبَرَ حَتَّى يُقَصَّ عَلَيْنَا مِنْ أَخْبَارِهِمَا ». قَالَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « كَانَتِ الأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا ». قَالَ « وَجَاءَ عُصْفُورٌ حَتَّى وَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ ثُمَّ نَقَرَ فِى الْبَحْرِ. فَقَالَ لَهُ الْخَضِرُ مَا نَقَصَ عِلْمِى وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ إِلاَّ مِثْلَ مَا نَقَصَ هَذَا الْعُصْفُورُ مِنَ الْبَحْرِ ». قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَكَانَ يَقْرَأُ وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا. وَكَانَ يَقْرَأُ وَأَمَّا الْغُلاَمُ فَكَانَ كَافِرًا.
صحيح مسلم _ في باب فضائل الخضر عليه السلام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق